دكتور نادر الصيرفي المحامي والباحث المتخصص في قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين
وفقاً للمواد ( 110 : 123 ) من لائحة الأقباط الأرثوذكس 1938
المقدمة:
أجازت لائحة الأقباط الأرثوذكس التبني ووضعت له شروط تتعلق بالمتبني والمتبني، إلا أنها لم تشترط قيام الزواج كشرطاً لصحة التبني.
وقد أجاز القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 بتعديل بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس المتحدي الملة والطائفة تطبيق القواعد الموضوعية في شريعتهم الخاصة، ومنها التبني، فيما لا يخالف النظام العام.
والنظام العام في الأحوال الشخصية فكرة متطورة وقابلة للتغيير ، وهي أوسع في المفهوم من مبادئ الشريعة الإسلامية ، وقد أكدت المحاكم المصرية على مختلف درجاتها على هذا المبدأ في مسائل المواريث والمنقولات الزوجية والنفقات ، قبل وبعد تشريع المادة الثالثة من الدستور القائم التي تنص على : ” مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية “.
أولاً القانون الموضوعي الواجب التطبيق على التبني :
القانون الموضوعي الواجب التطبيق على التبني هو لائحة الأقباط الأرثوذكس المواد ( 110 : 123 ) وتلك النصوص سارية ولم يتم تعديلها أو إلغاؤها عام 2008 ضمن تعديلات رئيس المجلس الملي العام للأحوال الشخصية.
ثانياً : القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التبني :
مفاد النص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة – اصدار من القانون رقم (1) لسنة 2000 أنه: “ومع ذلك تصدر الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية للمسيحيين المتحدي الملة والطائفة – اللذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة قبل 31 ديسمبر 1955 – طبقاً لشريعتهم بما لا يخالف النظام العام “.
وهذا يعني – بمفهوم المخالفة – أن الشريعة الإسلامية هي القانون الواجب التطبيق على كل المسلمين وعلى المسيحيين المختلفي الملة أو الطائفة ، أما المسيحيين المتحدي الملة والطائفة فلا تطبق عليهم إلا شريعتهم .
رابعاً : مدى تعارض مسألة التبني مع مبادئ الشريعة الإسلامية
لا يوجد تعارض بين مبادئ الشريعة الإسلامية مع مسألة تبني المسيحيين ، ذلك لأن لائحة 1938 قد سبقت تشريع المادة الثانية من الدستور عام 1971 المعدلة عام 1981 المتعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية من ناحية ، ومن ناحية أخرى يوجد نص المادة الثالثة من الدستور القائم التي أكدت على احتكام غير المسلمين إلى مبادئ شرائعهم في الأحوال الشخصية.
خامساً : شروط التبني في الشريعة المسيحية :
* بالنسبة للمتبني :
1- تجاوز المتبني سن الأربعين.
2- موافقة الزوج أو الزوجة.
3- أن لا يكون لهما أولاد .
4- حسن السمعة .
* بالنسبة للمتبنى :
1- يستوي أن يكون ذكراً أو أنثى.
2- أن يكون أقل من المتبنى بـ 15 سنة.
سادساً : هل يجوز التبني للقاصر ؟
أجازت لائحة الأقباط الأرثوذكس تبني الولد أو البنت القاصر، واشترطت موافقة الأبوين ، إن وجدوا . وأما في حالة غياب الأبوين أو عدم قدرتهم على ابداء الرأي لأي سبب من الأسباب، يجب موافقة الولي .
سابعاً : الواقعة المنشئة للتبني :
نصت المادة 117 من اللائحة على : ” يحصل التبني بعقد رسمي يحرره كاهن الجهة التي يقيم فيها راغب التبني ويثبت به حضور الطرفين وقبولهما التبني أمامه، فإذا كان الولد المراد تبنيه قاصراً قام والده أو وليه مقامه ” .
ومؤدى هذا النص أن التبني يتم بموجب عقد يحرره الكاهن بين المتبني والمتبنى أو المتبنى ووالده أو وليه إذا كان قاصراً.
سابعاً : الجهة المختصة بالتصديق على عقد التبني :
كانت الجهة المختصة بالتصديق على عقد التبني هي المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس، وقد استبدلت تعديلات 2008 على لائحة الأحوال الشخصية كلمة المجلس الملي بالمحكمة المختصة ، وهو الأمر الذي تكون معه محاكم الأسرة المختصة نوعياً بالتصديق على عقد التبني.
وللمحكمة التحقق من الشروط التي نظمها القانون ، ذلك لأن سلطة المحكمة في هذا الشأن هي سلطة موضوعية وليست ولائية .
وبعد صدور الحكم النهائي بالتصديق على عقد التبني يقيد هذا بالعقد في الجهة الدينية المختصة وهي بطريركية الأقباط الأرثوذكس ، ولا يوجد ما يمنع أن تنشأ المحاكم جداول أو سجلات لقيد التبني بين المسيحيين.
عاشراً : حقوق المتبني :
يحق للمتبني أن يحمل اسم ولقب الأب بالتبني ، ويلتزم الأخير بالانفاق عليه ، ولكن لا يرث أحدهما الأخر بغير وصية ، وذلك عملاً بالمادتين 122 ، 123 من اللائحة.
الرأي في قضية الطفل شنودة :
بالرجوع للقواعد السابقة :
الكاهن هو صاحب الاختصاص في تحرير عقد التبني، إلا أن اللائحة اشترطت الكتابة، أما عن نوع تلك الكتابة فهل هي للإثبات أم للإنعقاد. وبمعنى أخر هل لا يتعقد عقد التبني دون الكتابة؟ نعم ينعقد العقد ، ذلك بالقياس على المادة 15 التي لم تشترط لصحة عقد الزواج سوى اتمام المراسيم الدينية ولو لم يتم التوثيق.
أمام القصور هنا فيعود لغياب التصديق على العقد وعدم وجود ولي للطفل يوافق على التبني، وهذه المسائل من السهل تصحيحها وفقاً لبنود قانون الأسرة.
لذلك يجب اللجوء لمحكمة الأسرة المختصة بطلب تعيين ولي بنظام الأمر على عريضة ثم يتم تحرير عقد للتبني ، ويرفع للمحكمة بصحيفة دعوى للتصديق عليه، وهذا الحكم قابل للطعن عليه بالاستئناف .
وعلى استعداد لأي ايضاح أو مناقشة تتعلق بتلك الورقة البحثية .